بعد مناقشات ومشادات و اختلافات في وجهات النظر,استطعت أخيرا بتأييد أبي أن أقنع أمي بفكرة زواجنا,فلقد تغير حالها خاصة بعد أن رأت تمسكي الشديد بك..بل انك قد لا تصدق ان قلت لك أنا في آخر مرة قالت أنها لم تعد ترفض فكرة زواجي من شخص مختلف الجنسية حتى و لو كان بلا بطاقة هوية مادمت قد أهديته قلبي..
كل هذا وأكثر كتبته لك في خطابين سابقين وكنت أعتقد أن هذا سيسعدك كثيرا ولكنك لم ترد..
أستيقظ كل صباح و كلي أمل بأن ساعي البريد سيطرق بابي و معه خطابا منك,ولكن الأيام تتوالى ولا يأتي ساعي البريد,و قلقي عليك يزيد..
و في صباح أحد الأيام وأنا في شرفة المنزل,فاذا برائحة الياسمين تهب قوية ,وتحولت بعيني الى مكان الرائحة,انه ساعي البريد أخيرا قد حضر ومعه من الكلمات ما انتظرته..قفزت درجات السلم بسرعة وكلي لهفة أن أعرف محتوى رسالتك و قلبي يسابقني..
تفضلي بالتوقيع..
لم؟؟
طرد..
وتسلمت لفافة كبيرة تفوح منها رائحة الياسمين,و صعدت درجات السلم بسرعة كبيرة كادت تسبب في سقوطي و دخلت غرفتي,بدأت أفتح الطرد و رائحة الياسمين التي أعشقها تملأ أنفي فتزيدني لهفة وفرح..لست أذكر من كان صاحب الفكرة أنا أم أنت,طوق من الياسمين يحضن كل رسالة أرسلها لك,وطوق من الياسمين يعطر كل رسالة أتلقاها منك,و فتحت الطرد..
ما كل هذه الأوراق؟؟؟..
وما كل هذه الأطواق؟؟؟..
انها رسائلي اليك,كل الرسائل و كل الأطواق التي أصابها الذبول و الاصفرار,و ورقة واحدة مكتوب عليا بخطك الذي لا تخطئه عيني...لا تنتظريني..
لست أدري كم مر من الوقت و أنا أخفي وجهي بين الخطابات,ولست أدري كم من الدموع ذرف قبل أن أخرج من غرفتي و توجهت الى كليتي..ففيها تعرفت عليك كنت في عامي الأول وكنت تكبرني بثلاث سنوات,فنشأ الحب بيننا وبعد أن أنهيت دراستك سافرت على و عد بأن تعود حينما أنهي دراستي..حتى الأن لا أستطيع أن أفهم ما حدث..
هل الحب انتهى..وكيف سأبعد كل ما عشناه معا..
كيف أنسى أني عارضت الدنيا من أجلك..
تهت في كل زويا الكلية وكل مكان فيها يحمل ذكرى بيننا..
وأخيرا وجدت الباب ,لأخرج وأبحث عن أقرب محطة باص لأعود لبيت,سرت في الطريق و عقلي تائه يحمل ألف سؤال وكلهم بلا اجابة..
قدماي تورمت من المشي..لست أدري كم من الوقت مر و أنا أسير هكذا..ووجدت محطة باص فتوجهت الى الكرسي منهكة ومتعبة و لكن الحزن الذي بداخلي كان أكبر و كان أقوى,من أن يجعلني أشعر بالتعب..
ثم فجأة سمعت اسمك..
نعم انه اسمك..ان له وقعا مميزا لا تخطئه أذني أبدا..
توجهت بعيني حيث سمعت اسمك..
فوجدت رجلين واقفين يتبادلان الحديث,اقتربت منهما وسألتهما عنك هل يعرفانك..؟؟؟
و لماذا يرددان اسمك..؟؟
بدت عليها ملامح الدهشة و ناولني أحدهم الجريدة..
فوجدت صورتك في صفحتها الأولى..
انه أنت..انت..فقرأت بعيون دامعة..
أسفرت العملية الاستشهادية التي قام بها الشاب الفلسطيني.......
عن موت اسرائليين,و اصابة آخرين بجروح,وتدمير....
لم تقوى قدماي على حملي و لست أذكر ما حصل بعدها..
الا أنني سأظل أجلس مساء كل يوم,أكتب لك خطابي المعتاد,وأزينه بطوق الياسمين,ولكن بدلا من أن أرسله لك سأودعه في درج مكتبي وأتكوم على قلبي الشهيد..